تاريخ تمويل المناخ وعلاقته بمؤتمر الأطراف

تاريخ تمويل المناخ وعلاقته بمؤتمر الأطراف

  يعد تمويل المناخ من المحاور الرئيسية التي ترتكز عليها مؤتمرات المناخ خاصة مؤتمر الأطراف (COP) عبر التاريخ حيث يتم من خلال هذا التمويل بأنواعه المختلفة التصدي لمشكلات التغيرات المناخية، ومعالجتها. بالإضافة إلى دعم الدول النامية ماليا للتصدي لمشكلات تغير المناخ، ومعالجة الكوارث الناتجة عن التغيرات المناخية بأنواعها المختلفة من فيضانات، وحرائق غابات، وغيرها.

من المشكلات الأخرى التي تواجه الدول مثل الحد من آثار الغازات الدفيئة، وتقليل الاحترار العالمي وخفض درجة حرارة كوكب الأرض محققين أهداف اتفاقية باريس. بدأ تاريخ تمويل المناخ وحث الدول المتقدمة على دعم النامية عام 1992 في قمة الأرض في ريو تحت شعار "المسئوليات المشتركة". لاحقا، تأسست العديد من المنظمات الدولية لتمويل المناخ في بداية الألفية. على سبيل المثال، تم تأسيس مرفق البيئة العالمي التابع للأمم المتحدة (GEF) عام 2001، وصناديق الاستثمار في المناخ بالدول النامية بواسطة البنك الدولة (CIDs) عام 2008، بالإضافة إلى أهم ثمار مؤتمر الأطراف (COP16) وهو صندوق المناخ الأخضر (GCF) الذي يعد أهم مصدر التمويل المناخي. ستتناول في هذا المقال سؤال مهم الا وهو: ما هو تمويل المناخ وعلاقته بمؤتمر الأطراف؟

ما هي مصادر تمويل المناخ وأهميته؟

تمويل المناخ كما ذكرنا سابقا هو عمود الحوار في مؤتمرات المناخ نظرا لأهميته الشديدة في الوصول لحلول حقيقية في مجال الاستدامة وتغير المناخ. تمويل المناخ ببساطة هو المصادر المالية والأدوات التي تستخدم لحل مشكلات تغير المناخ المختلفة. وتتعدد أنواع التمويل سواء كانت محلية، أو دولية، متعددة الأطراف أو فردية من خلال طرق متنوعة. على سبيل المثال: المنح، السندات الخضراء، التبرعات، القروض، الضمانات، والصناديق المالية.

تتنوع الصناديق الدولية التي تهتم بقضايا المناخ في الدول النامية.  على سبيل المثال: صندوق المناخ الأخضر (GCF)، ومرفق البيئة العالمي (GEF)، وصندوق التكيف (AF) هم أهم ثمار المؤتمرات الدولية على السنوات المختلفة. وتستخدم تلك الصناديق صلاحياتها في وهب الدول النامية منح؛ لتحسين اقتصادها الأخضر، حماية الغابات، تقليل انبعاثات الكربون، وتقليل الغازات الدفيئة، وإنشاء محطات الطاقة المتجددة، ونشر الطرق المستدامة في بناء المدن، وشبكات النقل، وغيرها. كما يمكن توفير قروض ميسرة منخفضة التكلفة لإنشاء المشروعات التي تعزز قضايا الاستدامة وتحارب مشكلات المناخ، وتساعد على التكيف مع الظروف المناخية المختلفة.  حيث تتميز العديد من البنوك بتوفير تلك القروض الميسرة. على سبيل المثال: البنك الدولي، وبنك التنمية الإفريقي، وبنك التنمية الأمريكي.

 العقبات التي تواجه تمويل المناخ؟

تمويل قضايا المناخ هي أكبر المشكلات وكانت من أهم محاور مؤتمر الأطراف العام الماضي. وفقا للجهاز الإنمائي للأمم المتحدة، على الرغم من تعهد الدول المتقدمة في السنوات الماضية بتوفير 100 مليار دولار سنويا لدعم الدول النامية إلا أن هذا المبلغ لم يكن كافيا. وعلى الرغم من أن الاستثمار في مجال الاستدامة، والعمل المناخي هو أكثر الاستثمارات المربحة نظرا لما ينتج عنه من فوائد تفوق بكثير التكاليف الأولية، يكون الاتفاق بين الدول للوصول إلى نسب من الدعم المالي دائما أصعب مرحلة.

تمويل المناخ ومؤتمرات الأطراف عبر الزمن

تتعدد الإنجازات على مر التاريخ التي كانت ثمرة المناقشات، والمؤتمرات بين الدول لدعم قضايا المناخ، وتمويل الدول النامية. صناديق المناخ للأستثمار كما ذكرنا في المقدمة هي أهم النتائج. بالإضافة إلى ذلك، أهم اتفاقيات المناخ، وهي اتفاقية باريس المعتمدة من 195 دولة في مؤتمر الأطراف COP21 . حيث تدعوا إلى خفض درجة الحرارة العالمية لتصل إلى 1.5 درجة مئوية، وتلزم الدول المتقدمة دعم الدول النامية وذات الدخول المنخفضة لتحقيق ذلك عن طريق الدعم المالي.

كما يعد ميثاق غلاسكو للمناخ من أهم الإنجازات التي حققها COP 26 عام 2021 حيث يشدد على أهمية اتخاذ إجراءات صارمة للحد من استخدام الفحم، والوقود الأحفوري، وتقليل ظاهرة الاحتباس الحراري، وتمويل الدول النامية بمقدار 100 مليار دولار سنويا.

وصولا إلى مؤتمر الأطراف COP27الذي عقد بشرم الشيخ في مصر وحقق نجاحا باهرا، وأهم إنجاز في مجال تمويل المناخ خلال هذا المؤتمرهو إنشاء صندوق الخسائر والأضرار. يعد صندوق يتم من خلاله تمويل الدول التي تعرضت لكواراث مناخية غير قابلة للإصلاح بفعل التغيرات المناخية من فياضانات، وجفاف، وغيرها. يدار هذا الصندوق حاليا بشكل مؤقت من خلال البنك الدولي. أما COP28، فتم تشغيل فيه صندوق الخسائر والأضرار بشكل رسمي ووضع أسس رئيسية لوظائفه ومسئولياته.

تمويل المناخ و COP 29

أولا، حقق COP 29 الذي عقد في أذربيجان العام الماضي إنجازات عظيمة في صدد تمويل المناخ. حيث تم الاتفاق أخيرا على إنشاء أسواق كربونية دولية مدعومة دوليا ومحليا بعد سنوات من المناقشات.

الأسواق الكربونية هي وسيلة استثمار في مجال المناخ عن طريق تحويل انبعاثات الغازات الدفيئة إلى سندات كربونية يتم بيعها وشرائها. بالإضافة إلى ذلك، فرض ضرائب باهظة على المنتجات الكربونية مما يثبط المنتجين من إنتاجها بكميات كبيرة وإن لم يستجيبوا، يتم استخدام عائدات هذه الضرائب في تمويل المشاريع المناخية المختلفة من طاقة متجددة، ومحطات طاقة شمسية ، وغيرها.

ثانيا، تم الاتفاق على وضع هدف مالي لتمويل الدول النامية يصل إلى 1.3 تريليون بحلول عام 2035. مما يعني منح الدول النامية 300 بليون دولار سنويا بدلا من 100 بليون مقارنة بالأهداف السابقة.

جهود الدول المتقدمة

تشارك الدول المتقدمة بنسب مالية ضخمة لدعم قضايا المناخ. على سبيل المثال، المانيا، وفرنسا، واليابان، وكندا، والمملكة المتحدة، والنرويج، وهولندا، والسويد يعدوا من أهم الدول التي تشارك بكميات هائلة في تمويل مشاريع المناخ والاستثمار في هذا الصدد. حيث تلتزم فرنسا بتقديم 6 مليار يورو سنويا لدعم الدول النامية ومنخفضة الدخل. بينما تقدم المملكة المتحدة 11.6 مليار جنيها إسترليني سنويا؛ لدعم مشاريع المناخ في الدول النامية. بالإضافه إلى ذلك، تقدم كندا تعهد بتقديم 5.3 مليار دولار كندي سنويا حتى حلول عام 2026. وانتقالا للدول الآسيوية المتقدمة، تعد اليابان أكبر مانح في مجال تمويل الطاقة النظيفة، والاستدامة حيث تقدم 3 مليار دولار سنويا.

الدول النامية المستفيدة من تمويل المناخ

أولا، مجمع بنبان الطاقة المتجددة الشمسية في مصرهو ناتج عن تمويل من صندوق المناخ الأخضر (GCF)، ويعتبر أكبر مشاريع الطاقة المتجددة في مصر.

ثانيا، مشروع الطاقة المتجددة مصدرها (الشمس والرياح) بالمغرب بتمويل من صندوق المناخ الأخضر.

ثالثا، مشروع لتحسين كفاءة المحاصيل الزراعية وترشيد استخدام المياه في الزراعة بالأردن تحت رعاية الصندوق الدولي للتكيف.

رابعا، مشروع للتكيف مع الفياضانات وارتفاع مستوى البحر في بنغلاديش بدعم من صندوق المناخ الأخضر والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة(UNDP) المعني بقضايا الاستدامة، وتوفير مأوى والاستجابة الكوارث الناتجة عن تغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، يتم توفير نفس المشروع بڤيتنام نظرا لنفس الأسباب التي تعاني منها بنغلاديش.

آخيرا، مشروع الطاقة النظيفة وتمويل المجتمعات المحلية بكينيا بتمويل من صندوق المناخ الأخضر والبنك الأفريقي.

ختاما، تمويل المناخ هو أحد أهم محاور مؤتمر الأطراف وإن لم يكن أهمها؛ لأنه فرصه للوصول إلى التزام سياسي بيئي من الدول المشاركة للوصول إلى المبالغ الحقيقية اللازمة لمشاريع العمل المناخي، والاستثمار، ومواجهة، ومواكبة تغير المناخ في الدول النامية بدعم مقدم من الدول الغنية المتقدمة. تتعدد صور التمويل من خلال مشاريع، استثمارات، سنود، فروض، وبنوك دولية، ومنظمات تعني بالبيئة والاستدامة، وجهود دولية، وشركات.

 

إعداد/ دينا أحمد عبد العظيم