قرار ترامب: نهاية الالتزام المناخي؟

قرار ترامب: نهاية الالتزام المناخي؟

خطوة للخلف لم تكن في الحسبان هل حقا مستقبل المناخ على المحك ؟! وضربه موجعه لإتفاقية باريس واتفاقيات تخص العمل المناخى بلا أمريكا. منذ تولي ترامب الحكم من جديد يعود بحزمه من القرارات التى تكاد تكون مصيريه على شعبه وذات تأثير للعالم  في خطوة أثارت موجة من الانتقادات الدولية والداخلية، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ، وهو القرار الذي وصفه الكثيرون بأنه نقطة تحول في الجهود العالمية لمواجهة أزمة التغير المناخي. جاءت هذه الخطوة لتضع أمريكا، إحدى أكبر الدول المسببة للانبعاثات الكربونية، خارج أكبر اتفاقية دولية تهدف إلى تقليل آثار الاحتباس الحراري وحماية الكوكب للأجيال القادمة.

ترامب برر القرار بحجة حماية الاقتصاد الأمريكي من أعباء مالية وتنظيمية، معتبرًا أن الاتفاقية "غير عادلة" لبلاده. لكن هذه الخطوة أثارت تساؤلات حول مدى التزام القوى العظمى بمسؤوليتها تجاه أزمة تهدد البشرية جمعاء. كيف ستؤثر هذه الخطوة على الجهود الدولية؟ وهل يمكن للعالم أن يواجه التحدي المناخي دون مشاركة أمريكا؟ هذه الأسئلة وغيرها أصبحت محور الحديث في الأوساط البيئية والسياسية.

إن قرار الانسحاب يهدد جهود المجتمع المدنى في الحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى أقل من 1.5 درجة مئوية.ويهدد بإضافة حوالي 0.3 درجة مئوية لظاهرة الاحتباس الحراري.

إن قرار ترامب يبعث رساله الى الدول الأخري بعدم الالتزام في خفض الإنبعاثات وبين هذا وذاك تسعي الدول الأخري للإلتزام بالطاقة النظيفة منهم الاتحاد الأوروبي والمملكه المتحده والجميع يدعو لإتفاقية باريس والالتزام بها من أجل الحفاظ على الكوكب .

ترامب كان له رأي أخر عندما قرر الانسحاب فهو يود ذلك منذ توليه الرئاسه في السابق وحتي بعد توليه فترة رئاسيه جديدة كما أنه قام بحزمه من القرارات مثل أنه قام بإلغاء  أيضًا العديد من القوانين التي تهدف إلى تقليل استخدام الوقود الأحفوري، وواصل دعم شركات النفط الكبرى.

منذ تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من اتفاق باريس للمناخ، الذي تم اعتماده عام 2015، ما أثار قلقًا دوليًا واسعًا، خاصة في ظل تصاعد تأثيرات التغير المناخي. وصرحت كلير نوليس، المتحدثة باسم المنظمة الدولية للأرصاد الجوية، أن أهمية التزام جميع الدول بالاتفاق واضحة، خصوصًا مع تسجيل عام 2024 كأكثر الأعوام سخونة على الإطلاق.

وأشارت نوليس إلى أن الولايات المتحدة تكبدت معظم الخسائر الاقتصادية العالمية المرتبطة بالطقس والمناخ والمخاطر المائية، حيث عانت البلاد من 403 كوارث مناخية منذ عام 1980، بتكاليف تجاوزت المليار دولار لكل كارثة.

من جهته، أكد مكتب المتحدث باسم الأمم المتحدة مساء الاثنين أن التحول نحو الطاقة المتجددة الذي ينادي به اتفاق باريس أصبح واقعًا، مشيرًا إلى أن هذا التحول يفتح آفاقًا جديدة لفرص العمل والنمو الاقتصادي المستدام. وأعرب المكتب عن ثقته في أن المدن والولايات والشركات داخل الولايات المتحدة ستواصل قيادة جهود التغيير نحو اقتصاد منخفض الكربون يوفر فرص عمل جديدة وأسواقًا مزدهرة.

وشدد المكتب على أهمية استمرار الولايات المتحدة في دورها الريادي في القضايا البيئية، خاصة في هذا الوقت الذي تحتاج فيه البشرية إلى استجابات حاسمة لأزمة المناخ العالمية.

عندما نتسائل عن أهميه اتفاقية باريس إلى هذا الحد نجد أن:-

اتفاق باريس للمناخ يُعد من أهم الاتفاقيات الدولية التي وُضعت لمواجهة أزمة تغير المناخ. تم تبنيه عام 2015 خلال مؤتمر الأطراف 21 في باريس، ويهدف إلى الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة بشكل كبير، والعمل على تقليل ارتفاع درجات الحرارة العالمية في هذا القرن إلى أقل من درجتين مئويتين، مع السعي لتحقيق الهدف الطموح بحصر الارتفاع عند 1.5 درجة مئوية فقط.

تنبع أهمية الاتفاق من كونه إطارًا عالميًا يُلزم الدول بالعمل المشترك لتخفيف الانبعاثات الكربونية والتكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ. كما يُلزم الاتفاق الدول المتقدمة بدعم الدول النامية ماليًا وتقنيًا لتعزيز قدرتها على التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معها.

الاتفاق لا يقتصر على الالتزامات فقط، بل يقدم خارطة طريق مستدامة تمتد لعقود قادمة، حيث تعتمد الاتفاقية على دورات زمنية مدتها خمس سنوات، تقوم خلالها الدول بتحديث خططها الوطنية للعمل المناخي، والمعروفة باسم "المساهمات المحددة وطنيًا" (NDCs). هذه الخطط تُحدد الإجراءات التي ستتخذها كل دولة لخفض الانبعاثات وتعزيز المرونة في مواجهة التغيرات المناخية.

إضافة إلى ذلك، يُعتبر اتفاق باريس خطوة أساسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، لأنه يوفر قاعدة أساسية لتقليل الانبعاثات، وبناء مجتمعات قادرة على الصمود أمام التحديات المناخية، ودعم الانتقال نحو اقتصاد منخفض الكربون.

بفضل هذا الاتفاق، أصبح العمل المناخي مسؤولية جماعية عالمية، ويمثل الأمل في تحقيق توازن بين التنمية الاقتصادية وحماية الكوكب للأجيال القادمة.

ردود الفعل الدولية:

  • الاتحاد الأوروبي: أكد على التزامه باتفاقية باريس وضرورة التعاون الدولي للحفاظ على الكوكب.
  • المملكة المتحدة: أكدت أن الانتقال إلى الطاقة النظيفة لا يمكن إيقافه، ودعت إلى العمل مع الشركاء الأمريكيين الذين يؤمنون بضرورة معالجة أزمة المناخ.
  • كندا: اعتبرت القرار مؤسفًا لكنها أكدت استمرار العمل على تحقيق أهداف الاتفاقية.

النتائج المحتمله للدول النامية :-

التغير المناخي يمثل تحدياً هائلاً للبلدان النامية، وخاصة في إفريقيا، حيث تواجه هذه الدول أزمات متفاقمة مثل الجفاف والفيضانات التي تهدد حياة الملايين وتتسبب في عدم استقرار اقتصادي كبير. ومع انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس، تضعف فرص الدول النامية في الحصول على الدعم المالي والتقني اللازم لمواجهة هذه التحديات.

تتفاقم الأزمات الإنسانية بسبب التغير المناخي، حيث ترتفع معدلات النزوح والهجرة نتيجة فقدان الأراضي الصالحة للزراعة، مما يزيد الضغط على البنية التحتية والخدمات الأساسية في تلك الدول. كما أن الأمن الغذائي أصبح مهدداً بشكل مباشر، إذ تؤثر التغيرات المناخية على الإنتاج الزراعي والمخزون الغذائي، مما يؤدي إلى تفاقم مشكلات الجوع وسوء التغذية، خاصة في المناطق الأكثر فقراً.

الدول النامية تحتاج إلى استثمارات ضخمة لبناء بنية تحتية قادرة على الصمود أمام الكوارث المناخية، لكن انسحاب الولايات المتحدة يقلل من فرص توفير هذا التمويل الدولي، مما يجعل التكيف مع هذه التغيرات أكثر صعوبة. إضافة إلى ذلك، يعمّق هذا الوضع فجوة العدالة المناخية، حيث تتحمل الدول النامية، التي تسهم بأقل قدر من الانبعاثات الكربونية، العبء الأكبر من آثار الأزمة.

هذا الانسحاب يعرقل أيضاً التنسيق الدولي لتوفير التكنولوجيا والموارد اللازمة للاستجابة السريعة للطوارئ المناخية، مما يضعف قدرة الدول الفقيرة على مواجهة الكوارث المناخية. كما أن هذه التداعيات تؤثر على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، خصوصاً الأهداف المتعلقة بالقضاء على الفقر والجوع وضمان الوصول إلى المياه النظيفة والطاقة المستدامة.

ما يمكن  للدول الأخري فعله في ظل هذا الانسحاب:-

يمكن للدول الأخرى أن تلعب دوراً محورياً في ملء الفراغ الذي يتركه انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ من خلال تعزيز التعاون الدولي والالتزام المشترك بمواجهة التغير المناخي. في ظل غياب الولايات المتحدة عن القيادة المناخية، يمكن للاتحاد الأوروبي والصين والدول النامية ذات الاقتصادات الناشئة أن تتصدر الجهود العالمية لتعويض النقص في التمويل والدعم التقني.

أولاً، يمكن للدول الكبرى الأخرى، مثل الاتحاد الأوروبي والصين، زيادة استثماراتها في الطاقة المتجددة وتقديم نماذج رائدة في خفض الانبعاثات الكربونية. هذه الدول قادرة على قيادة التحول العالمي نحو اقتصاد منخفض الكربون عبر تعزيز الابتكار في مجال التكنولوجيا النظيفة وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في المشروعات الصديقة للبيئة.

ثانياً، يمكن للدول المتقدمة أن تزيد من التزاماتها المالية تجاه صندوق المناخ الأخضر وغيره من آليات التمويل الدولي. هذا التمويل يمكن أن يساعد الدول النامية على تنفيذ مشروعات التكيف مع آثار التغير المناخي وتطوير البنية التحتية اللازمة للحد من الكوارث المناخية.

ثالثاً، يمكن تعزيز التحالفات الإقليمية والعالمية، مثل مجموعة العشرين أو التحالفات المناخية الإقليمية، لتنسيق الجهود المشتركة وتحفيز الدول الأخرى على الالتزام بأهداف اتفاق باريس. التعاون بين هذه التحالفات يمكن أن يؤدي إلى وضع خطط عمل مشتركة وتنفيذ مشروعات عابرة للحدود تعزز من الاستدامة البيئية.

رابعاً، يمكن للمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية أن تلعب دوراً حيوياً في زيادة الوعي العالمي بأهمية الالتزام بأهداف المناخ. كما يمكنها الضغط على الحكومات والشركات الكبرى لاتخاذ خطوات ملموسة تعوض النقص الناتج عن غياب الولايات المتحدة.

وأخيراً، يمكن للدول النامية أن تتعاون مع بعضها البعض في تبادل الخبرات والتكنولوجيا المناسبة للتكيف مع التغير المناخي. التعاون جنوب-جنوب يمكن أن يكون منصة فعالة لتطوير حلول مبتكرة تلبي احتياجات هذه الدول دون الاعتماد الكامل على الدول الكبرى.

في ختام الحديث عن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ، يجدر بنا أن نتذكر أن هذا ليس المرة الأولى التي تتخذ فيها الولايات المتحدة موقفًا مشابهًا. فقد سبق لها الانسحاب من الاتفاقيات المناخية تحت رئاسة جورج بوش الابن ودونالد ترامب، ورغم ذلك استمرت الجهود العالمية للتصدي للتغير المناخي دون توقف.

هذا يبرز حقيقة أن العمل المناخي لا يعتمد فقط على دولة واحدة، مهما كانت أهميتها، بل هو جهد جماعي يتطلب تعاونًا دوليًا وإرادة صلبة من جميع الأطراف. المستقبل لا يزال مليئًا بالفرص للدول التي تؤمن بأهمية التغيير والعمل المشترك. فبينما قد تتراجع بعض الدول عن التزاماتها، تظل هناك دول ومؤسسات وشعوب تؤمن بأهمية بناء عالم مستدام، وترى في كل تحدٍ فرصة لتحقيق تقدم جديد.

لذلك، يبقى الأمل في أن يسهم الجميع، بما فيهم الولايات المتحدة، في صياغة مستقبل أفضل للبشرية وللكوكب الذي نتشاركه جميعًا.

 

اعداد

نعمه محمد النجار